فصل: قال نظام الدين النيسابوري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)}.
قوله: {الزُّورَ} فيه وجهان، أحدهما: أنه مفعولٌ به أي: لا يَحْضُرون الزُّوْرَ. وفُسِّر بالصنمِ واللهوِ. الثاني: أنه مصدرٌ، والمرادُ شهادةُ الزُّوْرِ.
قوله: {بِاللَّغْوِ} أي بأهِله.
{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)}.
قوله: {لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمًّا} النفيُ مُتَسَلِّطٌ على القيدِ، وهو الصَّمَمُ والعمى أي: إنهم يَخِرُّون عليها، لكنْ لا على هاتين الصفتين. وفيه تعريضٌ بالمنافقين.
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}.
قوله: {مِنْ أَزْوَاجِنَا} يجوزُ أَنْ تكونَ {مِنْ} لابتداءِ الغايةِ، وأنْ تكونَ للبيانِ. قاله الزمخشري، وجعله من التجريدِ، أي: هَبْ لنا قُرّةَ أَعْيُنٍ من أزواجِنا كقولِك: رأيت منك أسدًا وقرأ أبو عمرٍو والأخَوان وأبو بكر {ذُرِّيَّتِنا} بالتوحيدِ، والباقون بالجمعِ سلامةً. وقرأ أبو هريرة وأبو الدرداء وابن مسعود {قُرَّاتِ} بالجمعِ. وقال الزمخشري: أتى هنا ب {أَعْيُن} صيغةِ القلةِ، دون عيون صيغةٍ الكثرة، إيذانًا بأنَّ عيونَ المتقين قليلةٌ بالنسبةِ إلى عُيون غيرهم. ورَدَّه الشيخُ بأنَّ أَعْيُنًا يُطْلَقُ على العشرة فما دونَها، وعيونَ المتقين كثيرةٌ فوق العَشرة، وهذا تَحَمُّل عليه؛ لأنه إنما أراد القلةَ بالنسبة إلى كثرةِ غيرِهم، ولم يُرِدْ قَدْرًا مخصوصًا.
قوله: {إِمَامًا} فيه وجهان، أَحدُهما: أنَّه مفردٌ، وجاء به مفردًا إرادةً للجنس، وحَسَّنَه كونُه رأسَ فاصلةٍ. أو المراد: اجعَلْ كلَّ واحدٍ منا إمامًا، وإمَّا لاتِّحادِهم واتفاقِ كلمتِهم، وإمَّا لأنَّه مصدرٌ في الأصلِ كصِيام وقِيام. والثاني: أنه جمعُ آمّ كحالٍّ وحِلال، أو جمعُ إِمامة كقِلادة وقِلاد.
{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)}.
قوله: {الغرفة} مفعولٌ ثانٍ ل {يُجْزَوْن}. والغُرْفَةُ ما ارتفعَ من البناءِ، والجمعُ غُرَفٌ.
قوله: {بِمَا صَبَرُواْ} أي: بصَبْرِهم أي: بسببِه أو بسببِ الذي صبروه. والأصلُ: صبروا عليه، ثم حُذِفَ بالتدريج. والباءُ للسببية كما تقدَّم. وقيل: للبدلِ كقوله:
فليت لي بهُم قَوْمًا

البيت. ولا حاجةَ إلى ذلك.
قوله: {وَيُلَقَّوْنَ} قرأ الأَخَوان وأبو بكر بفتح الياء، وسكونِ اللام، مِنْ لَقِيَ يلقى. الباقون بضمِّها وفتحِها وتشديدِ القافِ على بنائِه للمفعول.
{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}.
قوله: {لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ} جوابُها محذوفٌ لدلالةِ ما تقدَّم. أي: لولا دعاؤُكم ما عَنَى بكم ولا اكترَثَ. و{ما} يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً. وهو الظاهرُ. وقيل: استفهاميةٌ بمعنى النفي، ولا حاجةَ إلى التجوُّزِ في شيءٍ يَصِحُّ أَنْ يكونَ حقيقةً بنفسه. و{دعاؤُكم} يجوز أن يكونَ مضافًَا للفاعلِ أي: لولا تَضَرُّعُكم إليه. ويجوزُ أَنْ يكونَ مضافًا للمفعول أي: لولا دعاؤُه إيَّاكم إلى الهدى. ويقال: ما عَبَأْتُ بك أي: ما اهتَمَمْتُ ولا اكتَرَثْتُ. ويقال: عَبَأْتُ الجيشَ وعَبَّأته أي: هَيَّأْتُه وأَعْدَدْتُه، والعِبْء: الثِّقَلُ.
قوله: {لِزَامًا} خبرُ {يكون} واسمُها مضمرٌ أي: يكون العذابُ ذا لِزام. واللِّزام: بالكسرِ مصدرٌ كقوله:
فإمَّا يَنْجُوَا مِنْ حَتْفِ أرضٍ ** فقد لَقِيا حُتوفَهما لِزاما

وقرأ المنهال وأبان بن تغلب وأبو السمَّال {لَزامًا} بفتح اللامِ. وهو مصدرٌ أيضًا نحو: البَيات. وقرأ أبو السمَّالَ أيضًا {لَزامِ} بكسر الميم كأنه جَعَله مصدرًا معدولًا نحو: بَدادِ فبَناه على لغةِ الحجاز فهو معدولٌ عن اللزَمةِ كفَجارِ عن الفَجْرة قال:
إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بينَنا ** فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ

اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)}.
يستمكنون في مواطن الصدق لا يبرحون عنه ليلًا ونهارًا، وقولًا وفعلًا. وإذا مروا بأصحاب الزلات ومساكن المخالفات مروا متمكنين مُعْرِضين لا يساكِنون أهل تلك الحالة.
ويقال نزلت الآية في أقوام مرُّوا- لمَّا دخلوا مكة بأبواب البيوت التي كانوا يعبدون فيها الأصنام مرةً- متكرمين دون أن يلاحظوها أو يلتفتوا إليها فَشَكَرَ اللَّهُ لهم ذلك.
ثم قال في صفتهم: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِئَايَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} بل قابلوها بالتفكير والتأمل، واستعمال النظر.
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}.
قرة العين مَن به حياة الروح، وإنما يكون كذلك إذا كان بحقِّ الله قائمًا.
ويقال قرة العين من كان لطاعة ربه معانقًا، ولمخالفة أمره مفارقًا.
{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} الإمام مَنْ يُقْتَدى به ولا يَبْتَدِع.
ويقال إن الله مدح أقوامًا ذكروا رتبة الإمامة فسألوها بنوع تضرع، ولم يدَّعوا فيها اختيارهم؛ فالإمامةُ بالدعاء لا بالدعوى، فقالوا: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)}.
يعطي- سبحانه- كثير من عطائه ويعده قليلًا، ويقبل اليسيرَ من طاعة العبد ويعده كثيرًا عظيما، يعطيهم الجنة؛ قصورًا وحورًا ثم يقول: {أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} ويقبل اليسير من العبد فيقول: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 22].
لَيَرْوه من غير تكلف نقل، ولا تحمل قطع مسافة.
ويقال: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]: اليومَ يحضر العبدُ بيتَه لأداء العبادة، وينقل أقدامه إلى المساجد، وغدًا يجازيهم بأن يكفيهم قطعَ المسافة، فهم على أرائكهم- في مستقرِّ عِزِّهم- يسمعون كلام الله، وينظرون إلى الله.
قوله: {بِمَا صَبَرُواْ} أي صبروا عمَّا نهوا عنه، وصبروا على الأحكام التي أرجراها عليهم بِتَرْكِ اختيارهم، وحُسْن الرضا بتقديره.
{خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)}.
مقيمين لا يبرحون منازلهم، وفي أحولهم حَسُنَ مستقرُّهم مستقرًا، وحَسُن مقامهم مقامًا.
{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}.
لولا عبادتكم الأصنامَ ودعاؤكم إياها باستحقاق العبادةِ وتسميتكم لها آلهةً متى كان يخلدكم في النار؟
ويقال لولا تضرعكم ودعاؤكم بوصف الابتهال لأدام بكم البلاء، ولكن لما أخذْتُم في الاستكانةِ والدعاء، وتضَرَّعتُم رحِمَكم وكَشَفَ الضرَّ عنكم. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}.. الآية.
هذه الآية الكريمة تدل على أنهم يجزون غرفة واحدة وقد جاءت آيات أُخر تدل على خلاف ذلك كقوله تعالى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} وكقوله: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}.
والجواب:- أن الغرفة هنا بمعنى الغرف كما تقدم مستوفي بشواهده في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُن} الآية.
وقيل إن المراد بالغرفة: الدرجة العليا في الجنة وعليه فلا إشكال.
وقيل الغرفة الجنة سميت غرفة لارتفاعها. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: {ولو شئنا لبعثنا} فيه كمال القدرة وإن أمر النبوة ليس يتعلق بالقربات والمزاجات بل بمحض المشيئة الأزلية. ويروى أن موسى عليه السلام سئم الرسالة وتبرم في بعض الأيام فأوحى الله تعالى في ليلة واحدة إلى ألف من بني إسرائيل فاصبحوا أنبياء، فضاق قلب موسى وغار وقال: يا رب إني لا أطيق ذلك. فقبض الله ارواحهم في ذلك اليوم. وفيه كمال الحكمة فإن العزة في القلة ومنه تظهر فائدة الخاتمة وعموم رسالته، وفيه تأديب الخواص وعصمتهم عن رؤية الأعمال. فلا تطع كفار النفس وسائر القوى البدنية {وجاهدهم} بهذا الخلاق {جهادًا كبيرًا} لا تواسيهم بالرخص ولكن يحملهم على العزائم {وهو الذي مرج} بحر الروح وبحر النفس {هذا عذب فرات} من الأخلاق الحميدة الربانية {وهذا ملح أجاج} من الصفات الذميمة الحيوانية. والرزخ هو القلب. وفائدة مرج الأجاج هو احتياج الإنسان إلى الأخلاق الذميمة لدفع المضرات الدنيوية والأخروية في مقامها. وحرام على الروح أن تكون منشأ الأخلاق الذميمة، وعلى النفس أن تكون معدن الأخلاق الحميدة {فجعله نسبًا وصهرًا} أهل النسب هم الذين صحت نسبتهم إلى عالم الأمر وهو قوله: {ونفخت فيه من روحي} [ص: 72] وأهل الصهرهم الذين بقوا في عالم الخلق واختلطوا بالصفات البشرية من الحرص والشهوة والغضب، وأشار إلى هذا الصنف بقوله: {ويعبدون من دون الله} [يونس: 18] الآية وكان كافر النفس على ربه ظهيرًا في إظهار صفة قهره لأنه مظهرها {وما أرسلناك إلا مبشرًا} لأهل النسب {ونذيرًا} لأهل الصهر إلا من شاء إلا أجر من شاء أن يتوسل إلى الرب بطاعته إياي وبخدمته لي. ومن هاهنا قال المشايخ: يصل المريد بالطاعة إلى الجنة وبتعظيم الشيخ وإجلاله إلى الله. {وتوكل} اصل التوكل أن يعلم العبد أن الحادثات بأسرها مستندة إلى تكوين الله وتخليقه وهذا القدر من أصول الإيمان {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} [
المائدة: 23] وما زاد على هذا القدر من سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطراب فإنه مقام أرباب الأحوال وأصحاب الكمال. {وسبح بحمده} أي بما حمد به نفسه كقوله «أنت أثنيت على نفسك».
والقديم لا يليق به إلا الحمد القديم {وزادهم نفورًا} لأن الرحمن أقبل عليهم بقهره ولو كان أقبل عليهم بلطفه لخضعوا واستكانوا. {تبارك الذي جعل} في سماء القلوب بروج المنازل والمقامات وهي اثنا عشر: التوبة والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والشكر واليقين والإخلاص والتسليم والتفويض والرضا وهي منازل الأحوال السيارة شمس التجلي وقمر المشاهدة وزهرة الشوق ومشتري المحبة وعطارد الكشوف ومريخ الفناء وزحل البقاء. وهو الذي جعل ليل السر ونهار التجلي خلقة رعاية لحقوق القلب وحظوظ النفس، إن اراد أن يتعظ عند السر أو اراد شكورًا عند التجلي {وعباد الرحمن} دون الشيطان والدنيا والهوى والنفس يمشون في أرض الوجود عند السير إلى الله هونًا لئلا يتاذى بإثارة غبار صفات بشريتهم أحد {وإذا خاطبهم الجاهلون} وهم كل ما سوى الله من الدنيا والآخرة وما فيهما من اللذة والنعيم {قالوا سلاما} سلام مودّع {والذين يبيتون لربهم} لا لحظ أنفسهم في الروح ساجدون وفي الصباح واجدون. وأحسن الأشياء ظاهر بالسجود وباطن في الوجود مزين، ومع هذه الأحوال والمقامات يقفون في موقف الاعتذار والتذلل قائلين {ربنا اصرف عنا عذاب جهنم} القطيعة والبعد إذا أفنوا وجودهم في ذات الله وصفاته لم يبالغوا في الرياضة إلى حد تلف البدن {ولم يقتروا} في بذل الوجود بالركون إلى الشهوات {لا يدعون مع الله إلهًا آخر} بأن لا يرفعوا حوائجهم إلى الأغيار، ولا يشوبون أعمالهم بالرياء والسمعة ولا يحبون مع الله غيره {ولا يقتلون النفس التي حرم الله} قتلها بكثرة المجاهدة إلا بسطوات تجلي صفات الحق في مثل هذا القتل حياة أبدية {ولا يزنون} بالتصرف في عجوز الدنيا بغير إذن الله {يضاعف له العذاب} وهو عذاب النيران وعذاب الحرمان عن نعيم الجنان ومن قرب الرحمن {إلا من تاب} من عبادة الدنيا وهوى النفس. {وآمن} بكرامات الأولياء ومقامات الأصفياء {وعمل عملًا صالحًا} هو الإعراض عن غير الله وهو الإكسير الأعظم الذي لو طرح ذرة منه على ملء الأرض سيئة يبدلها إبريز الحسنات. {ومن تاب} رجع عن إنانيته إلى هوية الحق {وعمل صالحًا} بالدوام على هذه الحالة {فإنه يتوب} يرجع {إلى الله متابًا} لا مزيد عليه وهو جذبة {ارجعي} [الفجر: 28] وحينئذ لا يشهد الزور اي لا يساكن غير الحق. {وإذا مرّوا باللغو} وهو ما سوى الحق لا يلتفت إليه. وإذا ذكر بآيات ربه تأمل فيها حق التأمل ودعا الله بأن يهب له من ازدواج الروح والجسد ومتولداتهما من القلب والنفس وملكات الأعمال الصالحة ما تقر به عين القلب وعين السر وعين الروح اي يتنور بنورها، ويصير إذ ذاك مقتدى للمتقين لمتقي الجسد من مخالفات الشريعة، ولمتقي النفس من الأوصاف الذميمة ولمتقي الروح عما سوى الله، فيجزى الغرفة في مقام العندية بما صبر في البداية على التكاليف الشرعية، وفي الوسط على تبديل الأخلاق الحميدة بالذميمة، وفي النهاية بإفناء الوجود. ثم أخبر عن استغنائه عن وجود الخلق وعدمهم لولا دعاؤهم إياه بلسان الحاجة في حس العدم، أو لولا دعاؤه إياهم في الأزل بلسان القدرة {فقد كذبتم} حين ادعيتم الغنى عن الصانع {فسوف يكون} خسران السعادة الأبدية لازمًا لكم أعاذنا الله منه. اهـ.